بهجة الفِكٌر في زكاة الفِطٌر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين .
أما بعد فزكاة الفطر هي التي تجب بالفطر من رمضان ، وهي واجبة على كل فرد من المسلمين صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ؛ عن عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ قال : أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَىَ كُلّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حُرَ أَوْ عَبْدٍ. أَوْ رَجُلٍ أَوِ امْرأَةٍ. صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ. صَاعاً مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ. رواه البخاري ومسلم .
حُكٌم زكاة الفطر
هي سنة واجبة ، وفرض لازم ، على كل مسلم حر قادر؛ لا تسقط إلا بالإعسار. قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه وأولاده الأطفال الذين لا أموال لهم .
حِكمَة زكاة الفطر
زكاة الفطر تطهر نفس الصائم مما يكون قد علق بها من آثار اللغو والرفث ، كما أنها تغني الفقراء والمساكين عن السؤال يوم العيد ؛ عن ابنِ عَبّاسٍ قال: "فَرَضَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصّيَامِ مِنَ اللّغْوِ وَالرّفَثِ وَطُعْمَةً للْمَسَاكِين . مَنْ أَدّاهَا قَبْلَ الصّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدّاهَا بَعْدَ الصّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصّدَقَاتِ" . ( رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم)
مقدار زكاة الفطر
مقدار زكاة الفطر صاع من أي طعام مما يكال كالأرز والشعير والقمح وغيرهم (الصاع أربعة أمداد أي حفنات ) وتخرج من غالب قوت أهل البلد ؛ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ َقُالُ: كُنّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ ( لبن مجفف )، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ0(رواه البخاري ومسلم ) ، ( ولا يجوز إخراجها سكرا أو مكرونة أو زيتا .)
هل تخرج زكاة الفطر مالا ؟
يجوز عند الأحناف إخراج قيمة الواجب من زكاة الفطر ، ولكن الأئمة الثلاثة قالوا : لا يجزئ دفع القيمة .
ونحن مع الجمهور في أنها تخرج من أنواع الطعام ، ولا يعدل عنه إلى النقود - إلا لضرورة - للأسباب الآتية :
1- لم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج بدلها نقودا ، ولم ينقل ذلك عن أي صحابي .
2- حكمة زكاة الفطر كما تقدم من حديث ابن عباس " طعمة للمساكين " فظاهر كلامه في الحديث المتقدم أنها تكون طعاما .
3- إذا كانت زكاة المال لا تخرج إلا مالا ، فالأولى أن تخرج زكاة الفطر طعاما .
4- البيوت بعد رمضان تكون خاوية من الطعام ، وأعمال الخير تقل بعد هذا الشهر الكريم ، فربما لا تجد أسرة قوت يومها ، فالأولى أن نقدم للفقير خزينا من الأرز وغيره ؛ ليكون له سندا في الأيام العجاف بعد رمضان .
على من تجب ؟
تجب على المسلم الحر المالك لمقدار صاع ، يزيد عن قوته وقوت عياله ، يوما وليلة، وتجب عليه : عن نفسه ، ومن تلزمه نفقته ؛ كزوجته ، وأبنائه ، وخدمه الذين يتولى أمورهم ويقوم بالإنفاق عليهم . والمولود الذي يولد قبل الفجر من يوم العيد .
ومن مات بعد وجوبها عليه مباشرة( بعد فجر يوم العيد ) ولم يخرجها ، فيجب إخراجها من رأس المال إذا أوصى بها ، فإن لم يوص بها فإن الورثة يؤمرون بإخراجها. { أما من مات قبل فجر العيد فلا زكاة عليه }
وقت إخراجها
تخرج زكاة الفطر في الأوقات الآتية :
وقت جواز : وهو قبل العيد بيوم أو يومين لما أخرجه البخاري، ومسلم عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . وزاد الدارقطني فيه: وأن عبد اللّه كان يخرجها قبل ذلك بيوم، أو يومين. وعند الشافعية يجوز تعجيلها بعد دخول رمضان ، وعند بعض الحنابلة يجوز تعجيلها في النصف الأخير من رمضان .
وقت وجوب : من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل صلاة العيد .
وقت قضاء : من بعد صلاة العيد فصاعدا ، فإنها تؤدى مع الكراهية . قال الإمام النووي :" لا يجوز تأخيرها عن العيد ، و لو أخرها عصي ولزمه قضاؤها ".
مصرف زكاة الفطر
تصرف زكاة الفطر للفقراء المساكين قال ابن القيم في زاد المعاد : "كان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة " . ولم يكن صلى الله عليه وسلم يقسمها على أصناف الزكاة الثمانية ، ولا أمر بذلك ولا فعله أحد من أصحابه ." فلا تدفع لغير الفقراء المساكين إلا عند انعدامهم ، أو خفة فقرهم ، أو اشتداد حاجة غيرهم من بقية الأصناف .
توكيل الغير لأداء زكاة الفطر
يجوز أن تقدم ثمن الصاع لمن يجمعه ليشتري به الطعام الذي تحدد إخراجه ، سواءً أكان مسجدا أم فردا وذلك في وقت الجواز .
مقدار الصاع بالكيلو جرام
الأصل في الصاع الكيل ، وإنما قدره العلماء بالوزن ليحفظ وينقل ، ومقدار الصاع بالكيلو جرام كالتالي
الأرز البلدي : 2كيلو و150 جرام
الفول الصحيح : واحد كيلو و830 جرام
العدس الأصفر : اثنان كيلو
العدس أبو جبة : اثنان كيلو و 600 جرام
اللوبيا : اثنان كيلو
الفاصوليا : اثنان كيلو و600 جرام
كيف تحسب زكاة فطرك
إذا كنت ستخرج طعاما بنفسك :
1- تحدد الصنف الذي ستخرجه ولك الحرية في أي صنف مما سبق
2- تضربه في عدد أفراد أسرتك
مثال : لوكنت تعول زوجة وثلاثة أولاد فإن عددكم خمسة ، تضرب خمسة x اثنان كيلو و 150 جرام = عشرة كيلو و 750 جرام ( 11 كيلو إلا ربع )
وإذا كنت ستوكل الغير في إخراجها : ينـبغي مراعاة نوع الصاع وعدد الأفراد قبل دفع المال لزكاة الفطر في أي مكان لتحويلها إلى طعام كالتالي : 1- تحدد نوع الصاع الذي ستخرجه . 2- تضرب عدد الأفراد في سعر الصاع .
فلو كنت تعول زوجتك وثلاثة أولاد فإن عددكم خمسة . ثم حددت نوع الصاع ( أرز مثلا ) ثم تسأل عن ثمن كيلو الأرز في بلدكم ( سنفرض أنه بـ جنيهين وخمسة وسبعين قرشا ، نضرب هذا المبلغ في وزن صاع الأرز فيكون الناتج تقريبا ستة جنيهات ) فتكون قيمة ما تخرجه من زكاة الفطر كالتالي : خمسة أشخاص X ستة جنيهات = 30جنيها .
تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بخير .